الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008

"هاي مش بلد"

نكنس الغبار إلى تحت السجادة، نضع المكنسة جانبًا، ونقول: "نحن بخير".
وهل نحن بخير؟ من يبتغي لمس الواقع، فالتوقيت صائب اليوم، يتجلى ببؤسه واضحًا قبيل الانتخابات المحلية في قرانا العربية المستعدة لانتخاب "حماة الديار" و "قادة المستقبل".

نحن الذين عاصرنا بداية القرن الواحد والعشرين، نجد أنفسنا اليوم، في ظل انشغال العالم بأزمة "وول ستريت"، عائدين إلى الجاهلية. نعجز عن تفسير مشهدٍ إحتفالي (محزن بمضمونه) تجتمع فيه عائلة عربية كبيرة (حجمًا)، في إحدى القرى العربية، ويجري أفرادها انتخاباتٍ تمهيدية لـ "مرشح العائلة"، لرئاسة المجلس أو البلدية. الفائز في هذه الحالة، سينافس مرشحين من عائلات أخرى. وهكذا، يمضي مجتمعنا واثقًا ومستعدًا، نحو تعزيز العائلية ومأسستها. فكيف يقبل "أكاديمي"، درس في جامعات العالم، أن يكون مرشح العائلة؟! إسألوه، سيقول لكم "مصلحة البلد". وويل لبلد صارت مصالحه بأيدي عائلات "سيادية" لمجرد كثرة أولادها.

عائلية وطائفية: العائلة الكبيرة في أغلب الأماكن تحكم، والطائفة الكبيرة في أغلب الأماكن تحكم، والأشخاص آخر من يقرر. نحن متعبون ومتشرذمون إلى حد الجهل، لم نقو منذ عقودٍ على نبذ هذه المظاهر التي تتخذ، مع تطور العالم -للمفارقة- شكلا أشد جهلاً...

العاهة تكتمل حين نتكل على الأحزاب لتكون مرصادًا للمظاهر المستشرية، لكن الأحزاب، في معظم المناطق شريكة، وتشترط، بوسيلة غير معلنة، بأن يكون مرشحها ابنًا لـ "عائلة كبيرة"، "ومن ورائه أصوات"، لتضمن التنافس القوي. ماذا مع المبدأ؟ وماذا مع أناس قدّموا أرواحهم على طبق للحزب؟ عليهم الإنتظار عشر دورات قادمة، وأن يكثروا من الأولاد ليكونوا سندًا مستقبليًا. وسخرية الأقدار تكتمل، فبعد الانتخابات، سيجلس "أعمدة المستقبل" المنتخبون على مقاعد اللجنة القطرية والمتابعة وسيبحثون في مصائرنا.

ليست هناك تعليقات: