الأربعاء، 1 أكتوبر 2008

سبع سنوات من العزلة


الحروب لا تدلل موتاها ولا جرحاها. حتى النشرات الأخبارية لا تنصفهم، تقدر أعدادهم بالتقريب من دون الخوض في تفاصيل مآسيهم. وإذا كانت هذه هي الوضعية في كلّ العالم، فأيّ معنىً إذًا ستتخذ المأساة في بلاد المآسي غزة، التي عرفت كل أنواع الموت من المحتل والشقيق، وعرفت كل مفردات الشقاء والعزلة، وتحولت إلى السجن الاكبر في التاريخ ليطلّ على العالم الخارجي بواسطة أنفاق ينشغل العالم بسدّها؟

في خضم المعترك القاهر، ولد أطفال، ليدفعوا ثمن السياسات العدائية. فيتباهى محلل الشؤون العسكرية الإسرائيلية قبل عامين باغتيال أحد النشطاء من "حماس"، من دون أن يذكر أنّ الصاروخ الذي "أصاب الهدف" وقع في قلب عائلة كانت في طريقها إلى الشاطئ ومزّقها. هذه العائلة هي عائلة آمن، إستشهد أربعة من أفرادها، ونجت ماريا بعد صراع مع الموت، لتعيش رهينة كرسي عجلات، مع والدها في مشفى لم تفارقه، ولا تحرّك من جسدها البريء سوى رأسها. وتجد أحيانًا وقتًا للإبتسامة.

ماريا ستحتفل الأسبوع القادم بعيدها السابع، لا تملك القدرة على الرّقص ولا فتح الهدايا، لكنّها ستبتسم حتمًا؛ ابتسامة مطوقة تمامًا كما الطفولة المطوقة في غزة. ستقضي نهارًا مع الاصدقاء وستعود لتنام بين الجدران البيضاء وإلى جانبها حمدي، والدها الثاكل وشقيقها المتبقي من العائلة.

صوت ماريا، كصوت ملايين الأطفال، لن يصل بالتأكيد الى "المحاربين من أجل العدالة". من سيلتفت إلى ابتسامتها الصامتة، ومن التفت أصلا إلى آلاف الأطفال في لبنان وفلسطين؟
"المحاربون من أجل العدالة" منشغلون باحتلال جورجيا الذي دام أسبوعًا، متناسين الانتهاكات اليومية واحتلالاً تجاوز عقودًا.

ليست هناك تعليقات: